الفن الإسلامي التصميم العلاقة والتأثير

الفن الإسلامي

الفن الإسلامي

عصام أبو عوض: أكاديمي وممارس لتصميم الجرافيك، وعميد كلية الفنون والتصميم في جامعة العلوم التطبيقية.

 الفن:

الفن بشكل عام وجد مع وجود البشرية مع وجود الانسان وانطلاقته،

وكان هدفه هو تلبية حاجة وتقرير ذات، أقرب مثال على ذلك ان تتبعنا الانسان الأول كيف عاش في الكهوف؟

ولو انتبهنا الى الصورة أسفله من كهف كلاسكو.

تعطينا صورة عن كيفية عيش الانسان وصراعه في بيئته،

تعطينا فكرة عن الأدوات التي يستعملها، هذه قراءة وتعبير من انسان أول استطاع ان يعبر من خلالها عن حياته داخل الكهوف،

لكن الفن تطور وتطورت أدواته حتى تطور تعبير الانسان عن نفسه وأدواته، فاستخدم الكلمة واستخدم الحركة، الشكل، اللون ..

فأصبحت هناك اتجاهات كثيرة بالفن تعبر عن هذا الانسان وتمكن من قراءة الانسان وبيئته وتطوره،

وقراءتنا لتطور الانسان نجد تطور الفن، في كل حضارة نجد فن ملازم لها، يتوافق مع وظيفة الحضارة ومع بيئتها الثقافية والاجتماعية فأخذ أوجه كثيرة،

في العمارة في الزخرفة وفي الفن التشكيلي وفي النحت  وفي الفنون التطبيقية … أشكال متعددة متطورة بتطور الانسان.

الفن الإسلامي :

حينما نتحدث عن الفن الإسلامي فهو أخذ هذا الاسم لأنه ارتبط بالعقيدة الإسلامية،

لكنه تواجد جغرافيا في بقع كبيرة تتجاوز مجال الدين الإسلامي، مما أعطاه عمقا كبيرا، هذا العمق والوجدان ارتبط في الوحدانية،

 جاء لكي يعزز قيمة روحانية مرتبطة بالعقيدة الإسلامية وانعكست هذه لقيمة على العمارة،

على الخط العربي وعلى الزخارف النباتية والهندسية، لأنه تعامل مع التجريد ولم يتعامل مع التجسيد،

ودفع الفنان الى ابراز جمال الخالق في الموجودات، فهو لم يتعارض ماديا مع حياة الانسان وبيئته الثقافية والاجتماعية،

فالمسلم التركي أو الباكستاني أو في المنطقة العربية…

عندما تعاملوا مع الفن الإسلامي تعاملوا معه من خلال الوظيفة الأساسية

وهي تلبية حاجات الناس من خلال منظور وفلسفة واستراتيجية إسلامية متمركزة في هيبة الخالق،

الحقيقة ونحنن تتبع حركة نشوء الفن الإسلامي نجد نشوئه ما بعد الخلفاء بداية مع العباسيين ومن ثم الامويين وهكذا ..

في فترة تواجد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعه الخلفاء كان الانشغال ببناء الدولة، وتثبيت ركائز وثوابت الدولة الإسلامية،

لذا لم يكن هناك انشغال بالفن الإسلامي، وبعد ذلك بعد انتشار الإسلام في بقاع العالم، صار هناك تركيز على الفن الإسلامي،

وغالبا ما نراه في العمارة وفي التصميم الداخلي وفي الفنون التطبيقية وفي الخط العربي ف الشعر والكتابة ….

وكان نتاج الفن الإسلامي يصب في خدمة المسلم من خلال عقيدته، وحياته اليومية وبيئته التي يعيشها ولو كان غير مسلم،

بل ان الفن مورس من طرف فنانين غير مسلمين، غير ان قدسية الفن الإسلامي وعقيدته عكست تأثيرها على الفنانين للتعامل معه بحذر وظيفي المستند الى مفاهيم متعددة من الإسلام،

ولكن الجمالية كانت حاضرة،

والجمالية لا نقصد الظاهرة وانما الكامنة في استكشاف ما هو غير ظاهر من هذا الجمال وابرازه للناس من خلال الكون الذي يعيش فيه الانسان بحرية،

في اتجاه الخالق فالإنسان يعبده وهو حر في كيانه وطريقة تفكيره.

تعددت أنماط وطرق الفن الإسلامي لاختلاف المناطق الجغرافية التي تواجد فيها، وهذا عزه وأعطاه زخم وعمق أكثر مما هو موجود في بقبة الفنون،

والفن الإسلامي لا يختلف عن بقية الفنون، الاغريقي، والرافدي والصيني… لكن الفن الإسلامي أشمل من ناحية التفكير واستخدام العقل والنسبية والهندسة .

هذه المميزات عززت من موقع الفنان وطريقة تفكيره العلمي، لهذا نقول أن الفن الإسلامي بعلاقته مع الفنون الأخرى،

كان متأثرا ومؤثرا، استفاد من فنون الحضارات الأخرى والحضارات الأخرى استفادت بدورها من الفنون الإسلامية، من القرن السابع الى القرن الثامن عشر،

فالفن الإسلامي في أسسه وجوهره تابت وشامل ولكن استطاع ان يتعامل مع تطورات العصر، مع التكنولوجيا وأصبح مواكب لما هو حديث ومتطور مع حفظ الجوهر والمضمون.

ما علاقة الفن الإسلامي بالتصميم؟

يمكن القول أنها كعلاقة بقية الفنون بالتصميم وتأثيره يكاد يكون محدود، في الفنون الغربية أثرت الكثير من المدارس والاتجاهات على التصميم،

سواء التكعيبية أو البنائية أو  الدادائية وغيرها من المدارس، كحركة الأسلوب والباهاوس.. وكثير من الاتجاهات.

الفن الإسلامي كذلك ترك بصمته على التصميم خاصة المعماري والفنون التطبيقية من خلال استغلا العناصر الأساسية في الفن الإسلامي،

كالخط والزخرفة والحفر والارابيسك … وغيرها من هذه العناصر التي كانت تقوم بارتباطها بالعقيدة الإسلامية،

التصميم وجد لحل مشكلة تتطلب تنفيذها لخدمة الناس وهذه المشكلة قد تكون نفعية أو توعوية أو توجيهية حسب نوع التصميم،

اذا كان في العمارة او التصميم الداخلي أو الأزياء او الجرافيك .. التصميم لم يرتبط بأي عقيدة، فلن نجد هناك تصميم إسلامي أو مسيحي لان اتجاه التصميم جاء مختلفا تماما،

قد تكون بعض العناصر تواجدت في التصميم ولكن لا يمكن أن نطلق عليه تصميم مرتبطة بعقيدة،

العمارة الإسلامية والتصميم الإسلامي تميز بالمأذنة والأقواس وزخارف الخطوط والمشربيات ..

وغيرها من عناصر العمارة الإسلامية، وهذ اساسيات لم تكن موجودة في أية عمارة أخرى،

قد تكون تأثرت بالعمارة الغربية وغيرها لكنها حافظت على مضمونها لأنها جزء من الفن الإسلامي المرتبط بعقيدة الإسلام المرتبطة بالخالق وبعلاقة الانسان به، خالق ومخلوق، سلطة كلية للخالق والانسان له مشيئة يومية يعيش بها في البيئة الثقافية التي يوجد فيها،

تميزت العمارة الإسلامية لأنها مرتبطة بجذور الفن الإسلامي تغيرت انماطها حسب الأماكن الجغرافية التي وجدت فيها لكن وظيفيا بقيت مستقلة ولها خصوصية،

استفادت منها بعض أنظمة العمارة في دول العالم واستقت من استراتيجياتها  الكثير لكي تستفيد وتتعامل معها.

تأثير الفن الإسلامي في تصميم الأزياء

ان تحدثنا عن تأثيره في تصميم الأزياء،

فقد جاء التأثير من متطلبات العقيدة الإسلامية في شكل الزي وملاءمته للحياة اليومية للإنسان رجلا أو امرأة، وتصميم الأزياء كذلك جاء لحل مشكلة في الملبس،

لكن لا يمكن القول بان هناك تصميم أزياء إسلامي، حتى لو وجدنا عناصر الفن الإسلامي في هذه التصاميم فهي عنصر من عناصر التصميم فقط،

لكن هيئة الزي هي بالأساس ما يطلق عليه بالزي الإسلامي،

وهناك الكثير من الأزياء التي تتمثل بالزي الإسلامي ولكنها ليست زيا إسلاميا، فقط تتوفر على عناصر من الزخرفة النباتية والهندسية أو بعض الكتابات باللغة العربية او النسخ او الخطو الأخرى وهذا لا يعني أن هذا الزي إسلامي،

تصميم  الجرافيك

واذا توقفنا عند تصميم  الجرافيك فهو وليد نهايات القون الثامن عشر،

وليد أوربا وانتقل عبرها للعالم، فهو غربي وجاء لهدف واحد لترتيب عناصر مادة ما يراد إيصال معلوماتها الى جمهور محدد ومستهدف، ولكن ضمن علاقته بالطباعة ونشوئها أصبح حاجة للإنسان يرتب بها هذه المادة المراد طباعتها،

وبعد تطور أدوات الطباعة والكثير من التقنيات التي تعامل معها المصمم،

ظهرت شخصية المصمم في السابق لم يكن هناك شيء اسمه مصمم جرافيك،

كان هناك الفنان او الخطاط هو الذي ينظم هذه المادة التي تحتاج الى الطباعة،

وبتطور الطباعة تطور التصميم وبوجود التكنولوجيا أصبح  اسم اخر لتصميم الجرافيك وهو التصميم للتواصل البصري،

وذلك لارتباطه بتكنولوجيا متعددة ومتطلبات هذه التكنولوجيا لتقنيات تتعامل معها،

تصميم الجرافيك يوجه ويروجه أو توعوي، غايته مادية بحثة وايصال رسالة محددة لا ترتبط بعناصر الفن الإسلامي او الصورة القدسية التي يقوم عليها الفن الإسلامي،

هناك تصاميم تستعمل عناصر الزخرفة الإسلامية وعناصر الخط العربي، وبمجرد رؤيتها نقرأ بأن الموضوع مرتبط بما هو إسلامي، لكن لا يمكن القول انه تصميم جرافيك إسلامي، لماذا؟

لان التصميم اختلف في مفهومه وقيمته المادية عن الفن الإسلامي،

في التعامل مع الخالق والقدية والشمول والتجريد … الرمزية موجودة في تميم الجرافيك

ولكن وجدت ليس كما هو موجود في الفن الإسلامي، الابتعاد مع الوثنية والكائنات الحية لكي تكون ضمن المعبود، كالأصنام والتماثيل والنحت، هذه الرمزية وجدت للتبسيط اختزال المعلومة وتوجهها للجمهور فاختلفت القدسية المرتبطة بالخالق.

ولكن تصميم الجرافيك أيضا لم يطلق عليه في يوم من الأيام تصميم عقائدي سواء في أوربا او غيرها، وتوظيف الهندسة والنسبية واختلاف الشبكية التي هي معتمدة في الفن الإسلامي ليس بالضرورة متطابقة معه، تصميم الجرافيك هدفه الأساسي إيصال معلومة إيصال رسالة مباشرة بعناصر مختزلة لكي يتم تقديمها للجمهور المستهدف.

ختاما، أين نحن؟

هذا الحوار يحتاج الى سؤال: أين نحن؟

مع تطور العالم وهذه القرية الصيرة التي تتواصل بتكنولوجيا الاتصال،

آن الأوان لان يكون هناك منظور مستقبلي للتصميم في  المنطقة الاسلامية، منظور قادر على أن يطرح نفسه كمؤثر كأسلوب في مجال تصميم الجرافيك،

هذا الأسلوب كما كان عليه الأسلوب الالماني او أسلوب مدرسة الباهاوس أو الأساليب الأخرى الاوربية التي عكست نفسها على تصميم الجرافيك،

حتى يكون لغة عالمية مفهومة يمكن الاستفادة منها دون الحاجة الى العودة الى العقيدة التي يرتكز اليها هذا الأسلوب، لكي تكون هناك هوية محلية بمنظور عالمي،

هذا ما نحتاجه في مجال التصميم،

فالفن الإسلامي خط احمر لا يمكنه تجاوزه من خلال الفكر الذي قام عليه،

فكرة توحيد الخالق وفكرة تحويل الخسيس الى النفيس من خلال استخدام الطين وصناعة الخزف وغيرها من المعادن وحفر الخشف،

فأصبحت المواد الخام بسيطة لكن بمظهرها أصبحت نفيسة.

محاضرات ذات صلة:

نصائح للفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي