من يستحق كلمة «مخرج»؟
من يستحق كلمة «مخرج»؟

هل كل من أمسك بالكاميرا وأخرج فيلماً واحداً (قصيراً أو طويلاً) بات مخرجاً؟
البعض صار لا يصدق أن يصوّر شيئاً على الهاتف ليلقب نفسه، قبل سواه، بأنه مخرج.
لنعود إلى البدايات: لم يكن من الممكن تسمية المخرج مخرجاً الا إذا صنع أفلاماً وقبض أجراً على عمله. أي انتمى إلى جسد صناعة سينمائية قائمة. بالتالي يتضمن ذلك إنه بات من أهل المهنة.
مع تطوير هذا المفهوم بعض الشيء، فإن المخرج الذي يقبض أجراً هو جزء من عمله الإحترافي، أو يحقق فيلماً من مصروف جيبه وبميزانية زيرو يحق له أن ينتمي إلى المهنة احترافياً.
لكن هناك خيوطاً رفيعة للتمييز يجب أن يُـحتذى بها. وبل من الضروري أن تؤخذ بعض هذه الخيوط/ الفواصل بعين الإعتبار حتى ولو اعتبرها البعض بأنها قاسية:

• لا يجب الخلط بين كلمة «مخرج» و«مخرج أفلام قصيرة» أو «مخرج أفلام تجريبية».
هذا ليس للتقليل من شأنه بل لإضافة مصداقية ولمنع البعض من السخرية حين يقرأون عن واحد يقول “أهتم بالقضايا النسائية في أفلامي» وعندما تبحث عنه تجد إنه أخرج فيلماً واحداً لم يتسن له عرضه بعد.
• لقد كتبت ستة سيناريوهات في حياتي. قبضت عن واحد لم يتم تنفيذه.
قبضت عن فيلمين تم تصويرهما إلى جانب سيناريوهين فاشلين كونهما أقنعاني أنا وحدي بأهميتهما وجودتهما ولم يقنعا أحداً آخر. والسادس قيد البحث عن منتج.
كذلك اشتغلت «سكريبت دكتور» لأكثر من سنة ونصف لقاء أجر ثابت ثم في شكل متفرق.
رغم ذلك لم أقل مطلقاً أنني كاتب سيناريو. ليس فقط للتواضع،
بل لأن الكاتب عليه أن ينصرف إلى الكتابة دوماً كذلك الممثل وكذلك المخرج وكل واحد في مهنة السينما… وكذلك الناقد.

• الوصول إلى فعل الإخراج لن يطوره الإدعاء ولا المبالغة بل العمل. وإذا كانت الفرص محدودة فيجب إحترام الحقيقة.
يمكن لفترة من الزمن وصف المرء لنفسه بأنه «سينمائي». ولو كنت أنفذ أفلاماً بدوري لكنها لا تعرض ولا تنتمي إلى جسد الصناعة بل هي تنفيذ محلي لسمحت لنفسي أن أقول عني أنني مجرد (هاو سينمائي)
كيف أصبح مخرجاً
• أريد أن أصبح مخرجاً لكني بصراحة شديدة لا أعرف كيف أبدأ. بماذا تنصحني؟
– هناك ثلاث طرق تستطيع فيها أن تصبح مخرجاً، كل منها تحتاج إلى إرادة وثقافة. من دونهما يمكن للحالم أن يكتفي بالحلم إلى أن يجف حلمه ويضمحل.

– أن يدرس السينما في معهد عربي، كالمعهد العربي للسينما والتلفزيون الذي تشرف عليه د. منى الصبان (تجدهما على الفايسبوك) أو المعهد التابع للمؤسسة العامة للسينما في دمشق، أو المعهد المقام مؤخراً في أبوظبي. وهناك عشرات المعاهد والمدارس خارج العالم العربي طبعاً.

– أن يلتحق بفريق عمل كمساعد في الإنتاج أو في التوليف أو في أي مساحة فنية أخرى ما يتيح له متابعة عينية أولى لكيف تتم عمليات صنع الأفلام.
على هذا النحو نشأ معظم المخرجين الذين بدأوا حياتهم العملية قبل الستينات.

– الطريق الثالث هو أن يمسك بالكاميرا ويبدأ التصوير بنفسه.
صوّر ما يريد ويرغب ويتبع حدسه لكي يكوّن موضوع الإهتمام الذي يناسبه والصيغة السينمائية التي تروق له.
كل هذه الوسائل (والأخيرة بالطبع هي الأكثر مباشرة) تحتاج إلى ثلاثة عناصر:

1 ثقافة مستمدة من مشاهدة الأفلام من دون دلع من نوع «هذا أحبه وهذا لا».
هذا يعني القديمة قبل الحديثة، وأفق عريض من الأعمال الكلاسيكية في كل نوع.
وعدم التفريق بين سينما آتية من النيبال وسينما آتية من بوركينا فاسو أو اليونان أو مصر أو تونس أو تشيلي طالما أن مخرجيها من عداد المشهورين بأفلامهم

2 طموح ورؤية ينقلانه إلى أعلى ما يمكن للطموح أن يصل إليه (كثيرون يبدأون بتواضع ويبقون كذلك حتى يتوقفون).

3 إرادة صلبة وعزيمة فعلية وجدية كاملة تعالج بها جميعاً ما قد تواجهه من مصاعب.
هذا المقال مجمع من مقالات وبوستات على الصفحة الشخصية للناقد السينمائي والكاتب Mohammed Rouda
نهاية مقال من يستحق كلمة «مخرج»؟.
مقالات ذات صلة: