تغريدات عميقة في كتابة السيناريو (3)
كتابة السيناريو
(من الصفحة الشخصية للكاتب والمخرج رفقي عساف )

في السينما.. كما أن الفيلم يحكي قصة.. فالمشهد يحكي قصة أصغر ضمن قصة الفيلم الكبيرة..
بمعنى.. كما أن المشهد يخدم دوره كجزء من قصة الفيلم.. فالمشهد نفسه يجب أن يحتوي قصة صغيرة ما.. تبدأ ببداية المشهد.. وتنتهي بنهايته.. قد تكون قصة صراع.. خارجي بين شخصيتين.. أو داخلي بين الشخصية وذاتها.. ربما هي قصة صعود.. ما بين فشل في شيء والنجاح في تحقيقه.. كل هذه قصص صغيرة يمكن أن يحتويها مشهد واحد ضمن قصة الفيلم الأكبر.. الأكثر تعقيداً في السينما.. هو أن اللقطة الواحدة نفسها.. ولا اعني هنا اللقطات الطويلة التي تحتوي مشهداً كاملاً.. بل اللقطة العادية التي هي جزء من مشهد.. يجب أن تحمل قصة.. اخترت لكم عدة “لقطات” منها لقطة من المنعطف.. وكنت أنوي شرح “القصة” التي ترويها كل لقطة.. كما قصدتها في لقطة المنعطف وكما فهمتها في اللقطات الأخرى.. ثم وجدت بأن لا داع لذلك على الإطلاق.. فقوة اللقطة أن تحكي قصتها بنفسها..

Eternity and a Day (1998)
Directed By: Theo Angelopoulos

hine of the Spotless Mind (2004)
Directed by: Michel Gondry

The Searchers (1956)
Directed By: John Ford

murai (1954)
Directed By: Akira Kurosawa

There Will Be Blood (2007)
Directed By: Paul Thomas Anderson

The Curve – المنعطف
(2015) Rifqi Assaf

The Double Life of Véronique (1991)
Directed by: Krzysztof Kieślowski
أول درس أعطيه دائماً في الكتابة السينمائية هو.. أنك تكتب للشاشة.. وليس للقراءة..
لذلك لا تكتب أي شيء لا يمكن رؤيته أو سماعه.. الكتابة الوجدانية والمستطردة في الوصف الصالحة للأدب.. لا تصلح للسيناريو.. لغة السيناريو جافة ومباشرة نسبياً.. صفحة السيناريو.. يجب أن توازي دقيقة على الشاشة.. لذلك لو كتبت: “جلس محمود يفكر في ما قالته له سناء بالأمس عن طبيعة علاقتهما المتوترة،
وكيف أن عليه أن يقوم بسداد الالتزامات الكثيرة التي تثقل كاهله، وفي أن أمه ووالده يحتاجان لتواجده أكثر بالقرب منهما في الفترة الحالية بعد أن كبرا في السن… إلخ” ويمكن الاستطراد في أفكار محمود لعدة صفحات.. فما الذي ستصوره كمخرج لو وصل إليك مثل هذا النص؟ ما الحدث أو الفعل البصري أو الصوتي الموجود في هذا النص؟؟ لا شيء.. فقط محمود جالس يتأمل الفراغ ويفكر..
قد يقول قائل ماذا عن صوت المونولوج الداخلي.. وهنا أقول له: إياك!! فصوت المونولوج الداخلي بهذه الطريقة هو أحد أضعف تقنيات الكتابة على الإطلاق.. الإجابة في السيناريو هو أن تشرح كل ما يدور في خلد محمود.. من خلال البناء.. من خلال مشاهد وأحداث توضح لي كل هذا دون كتابته بهذه الطريقة الوجدانية.. والبناء موضوع ودرس آخر.. 🙂

مشكلة الكتابة.. عن غيرها من الفنون الإبداعية..
أن كل ما تحتاجه تقنياً هو ورقة وقلم.. أو جهاز كمبيوتر محمول وبرنامج word.. او حتى هاتف ذكي مع أي تطبيق كتابة.. لذلك يتم استسهالها وانتهاكها من كل من هب ودب.. اعتقاداً بأن هذا هو كل ما يلزم بالإضافة لبعض المهارات اللغوية البسيطة.. طبعاً هذا الاستسهال هو أكثر الأمور سذاجة.. فإن كان الأمر قد يمر في بعض الكتابات الأدبية أو حتى السيناريوهات على القاريء أو المشاهد العادي في العالم العربي منخفض الجودة الفنية بالمجمل.. فهو لا يمكن أن يبقى ويعيش أو يترك أثراً حقيقياً.. ولا يمكنه الصمود عند المقارنة بأي كتابة حقيقية..

هذه التغريدات تم تجميعها من منشورات عامة (من الصفحة الشخصية للكاتب والمخرج رفقي عساف )
الأستاذ رفقي عساف كاتب ومخرج للعديد من الأفلام ومدرب ومستشار في الهيئة الملكية لصناعة الأفلام في الأردن
نهاية مقال كتابة السيناريو.
مقالات ذات صلة:
تغريدات عميقة في كتابة السيناريو (1)
Tag:تغريدات, عميقة, كتابة السيناريو